تعرف الألفية الثالثة متغيرات اجتماعية واقتصادية، ومستجدات علمية وتكنولوجية، تنامت معها الاحتياجات التربوية والتعليمية، وتعاظمت فيها التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، والتي تطرح سؤالاً مهماً، هو : كيف نبقى أصلاء بثوابتنا الحامية لمقومات هويتنا الحضارية وذاتيتنا الثقافية مع مواكبتنا للتقدم العلمي والتكنولوجي واسترجاع ريادتنا الحضارية؟.
إن استراتيجية تطوير التعليم الجامعي في العالم الإسلامي التي ننشرها في هذا الكتاب، تطرح هذا السؤال بصيغة جديدة: كيف نحمي بخططنا التربوية ومناهجنا التعليمية أصالتنا في غير انغلاق ومعاصرتنا في غير ذوبان؟.
من هنا كان التخطيط الاستراتيجي للتعليم الجامعي مطلباً حيوياً وضرورة تنموية، من أجل إقرار فلسفة إصلاحية تجديدية تستجيب للاختيار الحضاري للأمة الإسلامية، تحقيقاً لوحدة توجّهاتها في إطار احترام خصوصياتها. وهذا ما دعا إلى تجديد وظائف التعليم الجامعي تعليماً وبحثاً وتكويناً، وأكد على أهمية إيجاد مشروع استراتيجية لتطوير رسالة التعليم الجامعي بما يضمن جودة مخرجاته، وتحديث إدارته وتأهيل موارده البشرية، ورفع مستوى بحوثه، وتحقيق تكامل أنظمته ومؤسساته، وتطوير مناهجه وبرامجه، وتقييم أدائه، وتنويع أنماطه، وتحديث مصادر تمويله، إسهاماً من اتحاد جامعات العالم الإسلامي في النهوض بالمشروع الحضاري الإسلامي الذي يؤهل الأمة الإسلامية لتجديد البناء الحضاري. ومن هنا نبَعَت الحاجة الماسة إلى وضع إستراتيجية لتطوير التعليم الجامعي، تحديداً للمرجعيات والمنطلقات، وتشخيصاً للاحتياجات والتطلعات، فقام الاتحاد بوضع هذه الاستراتيجية، مستعيناً بخبراء متخصصين في قضايا التعليم الجامعي في العالم الإسلامي. وذلك من أجل تحقيق الأهداف التالية…
Comments are closed.